أدرج «الحداء» على لائحة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، والحداء او مناداة الإبل هو تراث خليجي عريق، ولذلك نحن في شركة نوق NOUG أفردنا تلك المقالة لهذا الموضوع الهام؛ فالمحرك الرئيسي لنا هو حب الإبل سواء كانت نوق او جمال، وحب منتجات نوق ومن ضمن تلك المنتجات نحص بالذكر حليب نوق؛ فهل انت أيضاً مثلنا؟.
مناداة الإبل أو الحداء – مناداة النوق والجمال
يركب الراعي (الرحول) (القعدة)، وهي تلك الناقة التي يضع فوقها اشياءه مثل الصميل و الطعام والعقل والتوادي (التوادي هي التي يُصّر بها ثدي الناقة) وبقية أشياءه وهذه الرحول تتبعها الابل أينما ذهبت، ويركبها الراعي ويصيح مناديا للابل فتترك المرعى وتتبعه أينما ذهب، ولكل إبا نداء أو أنه في الواقع لكل صاحب إبل نداء (يسمي به ابله) مثلما تسمي القبائل أنفسها ببعض الألقاب.
وهذا النداء خاص بصاحب الإبل تعرفه ابله ويتوارثه أباً عن جد وتسمى (المشياعة) وعندما ينادي صاحب الابل ابله بهذا النداء فإنها تتوقف عن الشرب إذا كانت تشرب وحتي لو كانت ظامئة، وتتوقف عن الرعي وحتي لو كانت جائعة، وتلتفت نحو صاحبها وتبدأ بالحنين، والحنين صوت تصدره الابل سواء كانت نوق او جمال و يصدر عن غير الإبل، وتعبر عن تجاوبها مع صاحبها وعن محبتها له فتنطلق معه حيث يتجه، تاركة وراءها الماء والمرعى.
واذا أراد الراعي الورود الى الماء والرواح الى منازل العرب نادها نداء الرواح، فيتجه بها من المرعى الى مورد الماء أو المراح وهذا النداء أو الحداء تعرفه الإبل فتترك المرعى وتقتفي أثر الراعي نحو مورد الماءـ وللصدر من الماء نداء تترك بعده الماء وتنهض من مباركها متجهة الى المرعى ويسمى نداء الصدر من الماء.
ولكل ابل نداء تعرفه مثل الاسم العام لها جميعا خاص بهذه الرعية دون بقية الرعايا الأخرى ولكل رعية من الابل نداء معين ومثال على هذا النداء لللإبل قولهم (أررر يالبويضاء …. أريا لبوي ضاء) ونداء يخص رعية أخرى. (أرر يالملي حاء … أريا لملي .. أريا لملي …. حاء)، ونداء آخر لرعية ابل أخرى كأن يقول (آوه الطيا … حه أرياطا ياحه).
ومشياعة أخرى تقول : (البل ياعواد آوه ياعواد)، أي أن هذا النداء خاص (ومشياعه) يمتلكها صاحبها ورمز يدل عليه فيقال هذه مشياعة (أل فلان) وتلك مشياعة (زيد) وتلك مشايعة (عبيد) مثلها مثل ( الوسم) الذي يوضع علامة على الإبل لتمييزها عن الاختلاط والاختلاف ولكنها تختلف عن الوسم اذ أن الوسم بالكي بالنار والمشياعة بالصوت تخص هذه الابل وصاحبها وتميزها عن غيرها.
فلو فرضنا أن عدة رعايا من الإبل اختلطت وأراد واحد من (الرعيان) الرعاة الانفراد بإبله فانه بدلا من أن يستخرجها واحدة واحدة، بدلا من ذلك فإنه يركب ظهر (رحوله) أي الناقة التي تسمى (القعدة) ويبدأ يصيح بمشياعته لابله ويتجه الى الناحية التي يشاء فتترك ابله بقية الابل التي كانت مختلطة معها وتتبعه الى الجهة التي يرغب أن يتجه اليها لأنه نادها بهذا النداء الخاص بها أي كأنه قال (لا يتبعني سوى إبلي التي تخصني)، فتتبعه ابله.
مقالة ذات صلة: مسميات الإبل والنوق وأنواع مشي الإبل بالتفصيل
غناء الحداء
أما غناء (حداء) الرواح وهو حداء للابل بأن تتجه من المرعى بعد غروب الشمس الى منازل أهلها كي (تمرح) (تبيت) في مراحها قربا من أهلها أثناء الليل وهو حداء تطرب له الإبل فتتجه جميعها بأثر الصوت عندما يحدو به الرعاة ومثال ذلك قولهم :
حدا الوضحاوين – يابنيه حدا الوضحاوين
أربعة واثنين – وقرونك أربعه واثنين
مزيونه مار أبوك عفين – مار أبوك عفين ؟!!
(بويه بويه بويه) — (أي بويضاء) أو مله مله مله (أي المليحاء) وكلمة (بوه) تعني البويضاء تدليلا وتحببا لها وكذلك ( مله مله) تعني المليحاء ويقولون كذلك (وضحا بن عايش وضحا بن عايش يابنيه – للحجب نايش وقرونك للحجب نايش)، إرشره إرشره (أي تعالى ياشرهه) وشرهة اسم ناقة من الـ نوق وحين تسمع النداء تترك المرعى وتتبع ذلك الصوت الذي تعرف أنه يريد منها أن تعود الى مبيتها أثناء الليل وحتى الصباح.
وعند الفجر تحن (المخاليل) في وقت واحد والبدو يؤقتون بهذا الحنين فيقولون وقت (حنين المخلول) أي مع الفجر فتتجاوب بقية (الحيران) والأمهات بالإرزام ويكون هذا الوقت هو وقت اطلاق (عقل) الابل وشد (الرحول) ومن ثم جمع (العقل) حزمة واحدة ووضعها مع بعض (الشمال) القديمة على ظهر الرحول بعد وضع الغبيط أو الحداجة والغاية من وضع الشمال القديمة على ظهر الرحول (القعدة) هي جعل الحيران تشم رائحة أمهاتها في هذه الشمال فتتبع ناقة الراعي (القعدة).
(والشملة) هي نسيج من الوبر يحفظ بها ثدي الناقة عن الحوار لكي لا يرضعها وأجزاء الشملة هي : (الشغار) وهو الحبل الذي يخرج من بين الفخذين كي يربط (بالمطرقة) وهي التي تمسك الشملة من الجانبين من أمام الفخذين (والبطاين) بطاين الشملة من الجانبين وعلى الغارب ومن تحت الرقبة.
أصوات الإبل
وتصدر الابل أصواتا للتعبير عما في داخلها مثل :
- الرغاء : وهو صوت تعبر فيه الإبل عن الفزع والتضجر.
- الضبح : وهو صوت اصدار الهواء عند الفزع بلا رغاء.
- الحنين : وهو صوت تعبر فيه الإبل عن احساسها فتحن اذا فقدت (حوارها)، ويحن الحوار إذا فقد أمه؛ وتحن الابل اذا تفرقت وفقد بعضها البعض خاصة اذا كانت متآلفة، وتحن إذا رأت أصحابها، وتحن الإبل إذا عطشت.
- الارزام : وهو نوع من الحنين ولكن فيه تعبير مختلف في ترديد الصوت وعادة يكون منخفضا قليلاً وكثيرا ما ترزم الإبل عند العطش.
- الاهجال : وهو نوع من الحنين أيضا فيه تعبير أكثر، وكثيرا ما تهجل (الخلوج).
الحداء في الثقافة العربية
ويحكى أن شخص اسمه سلام الحادي قال يوماً للخليفة المنصور يا أمير المؤمنين مر الجمالين بأن يظمئوا الإبل ثم يوردوها الماء فإني آخذ في الحداء فسترفع رؤوسها وتترك الشرب، فأمر الخليفة له بما طلب، فأخذ يترنم لها بأبيات:
ألا يا بانة الوادي – بشاطئ نهر بغداد
شجاني فيك صياح – طروب فوق مياد
يذكرني ترنمه – ترنم رنة الشادي
إذا أسودت مثالثها – فلا تذكر أخا الهادي
وإن جاءت بنغمتها – نسينا نغمة الحادي
وحسب ما يروى فإن الإبل رفعت أعناقها وعافت الماء كأنها لم تعطش يوماً، فتعجب المنصور ومن معه من أمر حدائه، الذي أثر على الإبل وقد أنهكها العطش فوقف بينها وبين ورود الماء مستأنسة به. وتقول الحكايات أنه أمر له بجزية.
مقالة ذات صلة: الجمال والنوق في الشعر النبطي (العامي) – الإبل في الشعر النبطي
وفي الختام، هل توجد معلومة ناقصة في تلك المقالة تريد إضافتها، هل توجد عندك اي إضافة، فنحن في شركة نوق NOUG في إنتظارك في التعليقات، ونحن أيضاً نقدم لك فرصة لا تعوض ولا تقدر بثمن لإمتلاك نطاق نوق، وانصحك لشدة ان تسارع بشرائه الآن، واتمني أيضاً بأن تخبرنا برأيك في حليب نوق.
المصادر
- حداء الإبل أغنيات الرعاة ومواويل الصحراء – جريدة البيان
- مناداة الإبل أو «الحداء» موروث خليجي على لائحة «اليونسكو» – الامارات اليوم
- حداء الإبل – ويكيبيديا