رعي الإبل سوار كانت نوق او جمال من الممارسات التقليدية التي تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، حيث كانت تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان العربي والمجتمعات الصحراوية، ونحن في شركة نوق NOUG خصصنا تلك المقالة للحديث عن رعي الإبل بالتفصيل، والدافع الرئيسي لكل هذا الجهد الذي نبذله هو حبنا لمنتجات نوق وخصوصاً حليب نوق.
تنمية مراعي الإبل – تنمية مراعي النوق والجمال
تعتبر أراضى المراعي الطبيعية المصدر الرئيسي للأعلاف في العالم حيث تعتمد عليها الحيوانات بصفة أساسية لتغطية إحتياجاتها الغذائية وبخاصة الإبل وهناك ظروف عديدة منها التصحر المستمر والرعي الجائر وندرة الأمطار في بعض السنين وأراضى المراعى المفتوحة التى تحتوى على قليل من النباتات المرغوبة وكثير من النباتات غير المستساغة، الأمر الذى يحول دون الاستغلال الأمثل لهذه المساحات الشاسعة التي تعتمد بشكل أساسي على الأمطار .
ولكن يأتى التصحر وأراضى الكثبان الرملية وشدَّة الانجراف في مقدمة العوامل التي تساعد بشكل رئيسى وفعّال في تدهور المراعي وتدهور الأراضي وقحولتها بنسبة تصل إلى %73 من مساحة أراضى المراعي على مستوى العالم وبنسبة ٧٤% على مستوى أفريقيا وحدها.
وبالنظر إلى الوضع الرعوى فى مصر فإن معظم أراضي المراعي الطبيعية تتركز بشكل رئيسي في المناطق المطرية بالساحل الشمالي الغربي والشرقي وكذلك سيناء، حيث تبلغ مساحة المراعي بالساحل الشمالي الغربي (۳٫۸) مليون فدان من إجمالي المساحة المطرية البالغة (۱۰) آلاف كيلومتر مربع تقريبا، أما في سيناء فإن مساحة المراعي فيها حوالي (۱۲) مليون فدان، ونظرا لقلة معدل الأمطار الشتوية فإن النباتات السائدة في المناطق الرغوية تتميز بتحمل الجفاف خاصة المعمرة منها، أما الحوليات فإنها بصفة عامة تتميز بقصر حياتها .
وعلى ذلك فإن فترة الرعى تتركز أساسا في موسم الأمطار، وتعتبر المصدر الرئيسي لرعـى القطعان في البوادي المصرية، ومن هنا تظهر أهمية وضع البرامج اللازمة لتطوير المراعي تحت الظروف المحلية والتي من شأنها إعادة انتعاش الكساء الخضرى المتدهور وتنظيم عمليات الرعى وإدخال أصناف رعوية تناسب الظروف المحلية وكذلك المحافظة على الأنواع الطبيعية ذات القيمة الرعوية الجيدة والتي أوشكت على الانقراض حتى تساعد على زيادة وتنمية الثروة الحيوانية بشكل كبير وبأقل التكاليف.
اساليب تطوير المراعي فى أراضي المراعي المتدهورة
إن عمليات تطوير المراعي تحت الظروف القاسية، حيث ندرة الأمطار وسوء ورداءة نوعيات الأراضى المراد إجراء عمليات التطور بها وكذلك ملوحة المياه المستخدمة في عمليات الرى والتى غالبا ما تكون غير مناسبة للزراعات النمطية مثل المحاصيل الحقلية – تستلزم أن يكون التطوير في طريقين رئيسيين أو إحداهما بحيث يتبع الطريق الثانى الطريق الأول مباشرة وهما :
- الطريق الأول : وهو استغلال الظروف المحلية من كمية أمطار ونوعية تربة ومياه آبار مالحة في زراعة أصناف جيدة مناسبة لكل الظروف أو إعادة نشر الأصناف المحلية الطبيعية الجيدة المنقرضة
- الطريق الثاني : وهو إقامة وتنفيذ سياسات رعوية مناسبة لكل منطقة على حدة حسب ظروفها.
وعلى مستوى عمليات تطوير المراعي في مصر، فإن عددا من المحاولات الجادة فى مجال تطوير أراضي المراعي قد أجريت فى الساحل الشمالي الغربي وذلك عن طريق أحد المشاريع التي استهدفت تطوير مساحة مائة ألف فدان امتدت من مرسى مطروح شرقاً حتى مشارف السلوم غربا حيث استخدمت الشجيرات التي تتحمل الجفاف مثل الأكاسيا ساليجنا والقطف الاسترالي كنباتات مدخلة على المنطقة بالإضافة إلى اكثار بعض النباتات الطبيعية المحلية والمحافظة عليها وإعادة زراعتها مثل نبات الغرمبوش، وقد أدى ذلك إلى تحقيق نجاح ملحوظ في حالة المراعي بالمنطقة.
أما في مجال تحديد سياسات رعوية مناسبة، فإن اختيار طريقة الرعـى المناسبة تتوقف بشكل رئيسي على نوعية وكمية وكثافة الغطاء الخضرى بالإضافة إلى نوعية حيوانات الرعى في كل منطقة، وهنا يجب علينا الحديث عن طرق الرعي.
طرق الرعي فى أراضي المراعي
وبصفة عامة فإن طرق الرعي التي يمكن تطبيقها على تربية الإبل يمكن تلخيصها فيما يلى :
- الرعى الدورى : تقسم أراضي المراعي في هذا النظام إلى قطع تختلف مساحتها حسب نوعية وكمية الحيوانات وكذلك كثافة النمو بها، ويتم الرعي في قطعة تلو الأخرى حيث تقوم الحيوانات بالرعى فى القطعة المحددة من أراضي المرعى لفترة معينة لا تؤثر على الأجزاء المتبقية من النباتات وبذلك يمكن إعادة نموها مرة أخرى بشكل جيد؛ وتتوقف مدة الرعى الواحدة على كثافة الغطاء الخضرى وكذلك عدد حيوانات الرعى حمولة المرعى وجنس الحيوانات الراعية .
- الرعي المستمر : تترك فيه الحيوانات في المرعى بكامله طول موسم الرعي أو طول العام.، ويراعى فى هذا النظام أن تكون حمولة المرعى مناسبة حتى لا تؤثر سلبا على تدهور الغطاء النباتي
- الرعى المؤجل : وفى هذا النظام تقسم أراضي المراعي إلى قطع يتم الرعي فيها بشكل دورى مع ترك قطعة أو أكثر بدون رعى في كل عام حتى تستطيع النباتات وخاصة الجيدة منها أن تعطى بذورها وتنتشر طبيعيا في سنة الراحة.
وتوجد فروق واضحة بين هذه النظم حيث أفادت الدراسات إلى أن الفرق بين نظامي الرعى الدورى والرعى المستمر لمدة (٤ سنوات) أثر على نقصان إنتاجية المرعى بمقدار (٦٠%) في حالة تطبيق نظام الرعي المستمر بينما نقصت إنتاجية المرعى بمقدار (۲۳%) فقط عن هذه الفترة في حالة استخدام الرعى الدورى، وبصفة عامة فإن استخدام المراعى الطبيعية في تغذية القطعان الصحراوية يعتبر أرخص المصادر الغذائية اقتصاديا بالمقارنة باستخدام الأعلاف المروية أو المركزات الغذائية .
حيث وصلت تكاليف التغذية على المركزات إلى (٣١٤%) و (۱۳۸%) فى حالة التغذية على البرسيم الحجازى و (۱۸۷%) في حالة استخدام السيلاج و (١٤٠%) فى حالة التغذية على الدريس وذلك بالمقارنة بالتغذية على المراعي الطبيعية التي تعتمد عليها الإبل بدرجة أكبر بكثير من المجرات الصغيرة من أغنام وماعز، ومن هنا تتضح أهمية واقتصاديات تنمية الإبل .
طرق رعى الإبل – طرق رعي النوق والجمال
أولاً:- الرعى بواسطة الرعاة
في حالة القطعان الكبيرة التي تتراوح أعدادها ما بين (٣٥ – ١٠٠) رأس يكلف رعاة متخصصون لهذا الغرض وغالباً ما يكون راع واحد أو راعيان على الأكثر لملازمة القطيع أينما يكون ويهتمان بشئون رعايته وتحديد أماكن تواجد المراعي الجيدة له، وحيث أن الإبل في المراعى الحرّة لا يمكنها التقيد بمسافة معينة، لذا فهى تسير لمسافات قد تتجاوز المئات من الكيلومترات وخاصة في فصل الشتاء والربيع .
كذلك يأخذ الرعاة المكلفون برعايتها في حسابهم خلال هذه الفترة أنهم سوف ينقطعون عن القرى والمدن فترة طويلة ولذلك يحملون معهم ما يلزمهم من المؤونة والملابس والأغطية ، وتوضع جميعها على حيوان هادىء قليل الحركة، وغالبًا ما تكون أنثى كبيرة السن تسمى (ناقة الحوية) بحيث يكون المتاع مشدوداً عليها طول اليوم ولا يخلع عنها إلا وقت الراحة (مكان المبيت)، وقد لا يحتاج الرعاة فى مثل هذه الفترة إلى كمية كبيرة من المياه لغرض الشرب والطهى لأنهم يستخدمون حليب الإبل كمصدر أساسي للغذاء والشراب .
وترعى الإبل في مثل هذه الحالات على المراعي الحرة طوال اليوم، ويتوقف تنقلها من مكان إلى آخر تبعًا لجودة المراعي ، أى أن المسافة بين المبيت والآخر قد تطول أو تقصر حسب رغبة الإبل وجودة المرعى وخاصة في الربيع والشتاء حيث تتوفر المراعي الخضراء والنباتات العشبية . أما في فصل الصيف والخريف فغالبًا ما يكون الرعى حرًا مرتبطًا بمصادر المياه، فالحيوانات تتغذى على النباتات الجافة والشجيرات الصحراوية، ولذا فإن الحيوان يحتاج في هذه الحالة إلى الماء بعد فترات زمنية تتراوح ما بين (٥ – ١٠) أيام .
لذا فإن المسافة التي يقطعها الحيوان لغرض الرعى فى هذه الفترة مرتبطة بحالة المرعى والمسافة بين مصادر المياه ويكون لقاء الرعاة بأصحاب القطعان ومعالجة الحيوانات المريضة غالبا عند مصادر المياه المعروفة لديهم، كما أن ضياع الإبل من قطعانها تكون أقل بكثير هو الحال خلال باقى شهور الشتاء والربيع لأن الحيوانات الضائعة في فصل الصيف والخريف غالبًا ما تعود إلى مصدر المياه ولذا يسهل استرجاعها.
أما عند نهاية فصل الشتاء وخلال فصل الربيع فإن الحيوانات لا تهتم بالتواجد حول مصادر المياه ولذا يصعب على الرعاة الحصول على الحيوانات المفقودة بسهولة، والجدير بالذكر أن الأمراض والطفيليات وخاصة الخارجية منها مثل الجرب والقراد تظهر بكثرة وتنتشر بسرعة خلال فصلي الشتاء والربيع مقارنة بفصلي الصيف والخريف، ويصعب علاجها لعدم تجمعها حول مصدر للمياه ولرعيـهـا رعيا حرا لمسافات كبيرة ومتباعدة .
ثانيا:- الرعى بدون رعاة
أحيانًا عندما تكون المراعى جيدة تترك الحيوانات بدون راع طوال فصلی الشتاء والربيع لرعى النباتات العشبية والشجيرات الخضراء حسب رغبتها دون الحاجة إلى الماء حيث تكون حرّة التنقل من مكان لآخر، ولكن لهذا النظام في الرعى عيوب منها اختلاط الحيوانات الوافدة من المناطق المختلفة مع بعضها البعض، إذ يكثر انتشار الأمراض وانتقالها بسهولة بدون علاج وبذلك ترتفع نسب النفوق وخاصة في الحيوانات المسنة، كما يحدث الفقد أيضا في الولادات الحديثة لعدة أسباب منها صعوبة الولادة، ووجود الحيوانات المفترسة وفي بعض المناطق من العالم حقول الألغام .
ومن أهم مميزات هذا النظام في الرعى هو عدم الحاجة إلى رعاة خلال هذه الفترة، وإعطاء راحة موسمية لمربى الإبل والرعاة، وفي نهاية الموسم أي بداية فصل الصيف تعود القطعان إلى أماكنها حول الآبار ومصادر المياه، وعندئذ يقوم مربوا الإبل والرعاة باستقبال إبلهم علـى هـذه الموارد المائية الخاصة بمناطقهم لغرض سقيها وحجزها لرعيها حسب النظام الصيفي المألوف حتى ينتهى فصل الطلب على الماء ثم يعود النظام علــى ما كان عليه.
مقالة ذات صلة: تغذية الإبل – تغذية النوق والجمال
سلوك الإبل في المرعى – سلوك النوق والجمال في المرعي
1. السلوك الفردي والجماعي في القطعان
من المعروف أن الإبل التي تكون تحت نظام الرعي الحر وفي نظام القطعان تكون أكثر شراسة من إبل الفلاحين والمزارعين ، حيث يصعب الإمساك بـهـا أو حلبها أو تحميلها بالأمتعة، ولكنها تحتاج لتعويدها على ذلك، والإبل ذكية جدا بطبيعتها المتلازمة مع الصبر ولذلك يمكنها أن تتعلم بسرعة ما تتدرب عليه، وإذا حدث أن وجدت فرصة لحرية سيرها فإنها لا تلبث أن تعود إلى مكان رعايتها السابق أو مكان تواجدها مع القطعان في المراعي الحرة .
كما أنها لا تنسى أبدا أماكن شربها فتعود إليـهـا ولـو كـان ذلك بعد مرور سنوات من الزمن، والإبل ليست كغيرها من الحيوانات الزراعية الأخرى حيث أنها لا تهرب بمجرد رؤية الإنسان أو حتى حيوان مفترس وخاصة ذكور الإبل والحيوانات المسنة لأنها تمتلك من القوة والتحدى لغيرها ما يمكنها من الوقوف ضد العدوان إذا حدث عليها، لذلك فليس هناك دواعي للخوف عليها في المراعي الحرة بدون داع.
كما أن الحيوانات الصغيرة والخفيفة منها يمكنها أن تهرب إذا رأت شيئًا غير عادى ولا مألوف يهدد تواجدها، وفي هذه الحالة تهرب الحيوانات الصغيرة أولاً، ثم تتبعها الحيوانات المسنة ثم الذكو، وتسير المسافات طويلة تصل إلى عشرات الكيلومترات ولا تتوقف إلا إذا رأت أنها في مكان صالح لوجودهـا من حيث المرعى والأمان، والحيوانات التي لها صغار حديثة الولادة لا تكون ضمن القطيع في حالة الهروب لخوفها وحرصها على وليدهـا ولـذا تبقى الأم لحماية الوليد من أى تهديد ولو كلفها ذلك حياتها .
مقالة ذات صلة: لحم النوق والجمال – لحم الإبل
2. سلوك ذكور الإبل في المرعى
تشكل قطعان الإبل تجمعات صغيرة حيث يحكم كل قطيع ذكر واحد يطلق عليه الفحل، وتحترم حيوانات القطيع تصرفاته طوعًا أو كرها، ولا يجوز وجود أكثر من ذكر في القطيع الواحد، وإن وجد فإن الصراع يحدث حتما إلى أن ينتهى بهزيمة أحدهما ويترك القطيع دون رجعة إليه. ويتولى فحل القطيع رعاية قطيعه بأكمله، ولا يسمح لأى من أفراده بالخروج منه كما لا يسمح لأفراد أخرى من خارج القطيع بالدخول فيـه، ويتصرف دائما في كل وقت وكأنه الوصى الوحيد عن قطيعه، ويدافع عنها كما يتولى جمعها وإعادة كل من يحاول الخروج عن طاعته ولو بالقوة، ويحرص في الغالب على تنظيم سيرها وتوجيهها.
ويقف متحديًا وأحيانًا يهاجم حتى الموت إذا وقع اعتداء على قطيعـه مـن قبـل بعض الذكور الأخرى وخاصة عند مصادر المياه حيث يلتقى العديد من القطعان لغرض الشرب ولا تنفض المعركة إلا بهزيمة أحدهما ويطرد إلى خارج الملتقى أو بموته إذا لم يتمكن أحد من الرعاة أن يفض الاشتباك ويفك النزاع قبل احتدامه، وإذا حدث أن حاولت إحدى الـ نوق الخروج من القطيع بنفسها أو بواسطة الإنسان لغرض استخدامها فإن ذكر القطيع لا يسأم من محاولات إعادتها إلى القطيع بكل الوسائل مثل عضها من الخلف والجرى وراءها إلى أن تعود .
لذا فإن المربين إذا رغبوا في حجز بعض الـ نوق من القطيع فإنهم يقومون بربط الفحل حتى يتم إبعاد الـ نوق المطلوبة بعيدا عن الأنظار ثم يخلى سبيله، كما أن أغلب الرعاة يعتمدون على الفحل في رعاية القطيع وحركة سيره وتحديد عملية رعيه، كما يمنعه من الاختلاطات الأخرى، والـ نوق التي يتم حجزها من القطيع تعود كما كانت إلى مكان القطيع إذا وجدت الفرصة لذلك مهما بعدت المسافات بينها وبين القطيع ، لذا ينصح بربطها جيدًا لعدة شهور حتى تتعود على المكان الجديد .
وفي الختام، لقد حاولنا ان نجيب على كل اسئلتكم في تلك المقالة عن موضوع رعي الإبل، ولو كان هناك اي سؤال لديكم فنحن شركة نوق NOUG نسعد دائماً بمساعدتكم، وغرضنا الوحيد هو خدمتكم، ولا نريد منكم سوى رأي صادق في منتجات نوق وخصوصاً حليب نوق، وان تغتنموا الفرصة الذهبية التي وفرناها لكم لإمتلاك نطاق نوق.
المصادر
تقنية رعي الإبل تساعد في تحسين المراعي وحمايتها من الرعي الجائر – وكالة الأنباء السعودية
رعي الإبل والزراعة.. مهن تتوارثها الأجيال في العلا – سكاي نيوز