تعد الإبل سواء كانت نوق او جمال رمزًا فنيًا وثقافياً عميق الجذور في العديد من الحضارات من أول حضارات الشرق الأقصى الي حضارات الشرق الأوسط والحضارة الأوروبية، ونحن في هذه المقالة سوف يكون تركيزنا أكثر على دور الإبل في الفن وخصوصاً الرسم في حضارات الشرق الأقصى والحضارة الأوربية؛ ودافعنا الوحيد في شركة نوق NOUG لكتابة تلك المقالة هو حبنا الشديد لمنتجات نوق وخصوصاً حليب نوق.
الإبل والفن في الشرق الأقصى – الجمال والنوق والفن في الشرق الأقصى
شركة الهند الشرقية الهولندية أول من استورد زوجا من الإبل العربية إلى اليابان في عام 1821 حيث أقيم عرض لهما في أنحاء البلاد كي يدهش منهما الناس، وقد أنتج تاني بونتشو وهو رسام شهير في أواخر عصر إيدو رسما واقعياً إلى حد ما لزوج من الإبل. وفي الصين أنتجت تماثيل خزفية للإبل (تسمى بالصينية لووتوو) بكميات كبيرة لتوضع في المقابر، وبدأت هذه الممارسة في عصر الهان (206 ق.م – 222 ميلادية) وإستمرت بعد ذلك لمدة ألف عام.
وقبل عصر الهان، سُخزث الإبل بشكل أساسي لجر العربات، لكن مع افتتاح طريق الحرير، شاع استعمال الإبل ذات السنامين بكثرة بوصفها دواب حمل، وهذا ما يبينه التمثال (لم يركب الصينيون الإبل، وإن بينت بعض التماثيل أجانب وعازفين جالسين عليها)؛ وبما أن الإبل ذات السنامين استخدمت لنقل السلع الفاخرة، فقد أصبحت رمزا للرخاء وبالتالي كانت مخلوقاً مناسباً لأن يوضع في مقابر الرجال الأثرياء.
وبمرور القرون، أصبحت صور الجمل أقل واقعية وأكثر رمزية، وغالبا ما تبين التماثيل اللاحقة أقنعة كبيرة معلقة على جوانب الجمل؛ وتشير إلفريده كناور Elfriede Knauer التي أجرت دراسة خاصة حول هذه التماثيل، إلى أن الأقنعة قد ربطت في الرحل لاخافة العفاريت في الصحراء، وبلغ انتشار تماثيل الإبل ذروته في عصر أسرة تانخ (618-907).
وقد صور الرسامون والخزافون الإبل ذات السنام الواحد (الجمل العربي) والإبل ذا السنامين، ويبدو أن فناني القرن السادس عشر أنفسهم كانوا يرون أن الاختلاف بين الإبل ذات السنام الواحد والإبل ذات السنامين هو اختلاف في الجنس.
مقالة ذات صلة: تربية النوق والجمال – تربية الإبل
مقالة ذات صلة: تسنين الإبل – تسنين النوق والجمال
الإبل والفن في بريطانيا – الجمال والنوق والفن في بريطانيا
في بريطانيا العصور الوسطى وعصر النهضة، كان سنام الجمل رمزا لثروات الرجل الغني ومن المحتمل أنه بسبب هذا الارتباط جعل إدموند سينسر Edmund Spencer في The Faerie Queene (ملكة الجن) الجمل صورة الجشع في موكب الخطايا السبع المميتة؛ ومع ذلك، فمن الطبيعي أن قراءه كانوا سيفكرون كذلك لأنه مذكور في العهد الجديد: «ما أصعب دخول الأغنياء إلى ملكوت الله، فإن مرور جمل في ثقب إبرة أسهل من دخول غني إلى ملكوت الله».
الفنانون العظام والإبل – الفنانون العظام والجمال والنوق
منذ أواخر العصور الوسطى، ظهر الجمل بانتظام في لوحات “سجود المجوس”، ومن المحتمل أن المرة الأولى التي ظهرت فيها الجمال في هذا المشهد في نسخة جيوتو التي رسمها لكنيسة سكروفيني بمدينة بادوا في الأعوام 1305- 1303، والجمال التي في هذه اللوحة ليست رائعة جدا، فهي أشبه بحمير طويلة الرقبة ذات شوارب. وظهر الجمل كذلك في وقت مبكر في نسخة من «سجود المجوس» رسمت من أجل Tres Riches Heures du Duc du Berry حوالي عام 1410.
وفي نسخة Gentile da Fabriano للمشهد نفسه، التي رسمت عام 1423، يبدو أن الساعات الأولى للمسيح عيسى كانت في حديقة حيوان نظامية، ذلك أنه بالإضافة إلى الجمل تشمل اللوحة كذلك كلب صيد ولبؤة وفهدا وقردين وثلاثة صقور وحمامة وثورا وحمارا؛ وفى فن عصر النهضة كان الجمل يوظف في الوقت نفسه ليكون مؤشرا على ما هو غريب وعلى ما هو توراتي أصيل، وربما أمد تنظيم معارك الجمال، التي كانت تجري في فلورنسا أسرة ميديتشي Medici، بعض الفنانين بنماذجهم.
وفي كتب الرموز كان الجمل يمثل رمز آسيا، ولكن عندما جاء جيوفاني ياتيستا تيبولو (1696 – Giovanni Battist Tiepolo (1776 لعمل لوحات الفريسكو العظيمة الخاصة بالقارات الأربع في فورتسبورج، صور الشخص الذي يمثل إفريقيا بالخطأ جالسا فوق جمل، وفي حين أظهر الذي يمثل آسيا راكبا فوق فيل، ويبدو أن تيبولو كان مغرما بتصوير الجمال، وتظهر الجمال التي تشبه الثعالب في لوحته «راحيل تخفي الأصنام عن والدها لبان»، وهناك كذلك رسم غريب لوصول بولتشينيللو Pulcinello إلى مصر على ظهر جمل، وكانت الجمال ضمن معدات عالم تيبولو الخيالي.
ومن الغريب أن غياب الجمال ظهر بشكل بارز كذلك في الفن الغربي، وبشكل خاص لفت غياب الجمال في لوحة نيكولا بوسان Nicolas Poussin «أليعازر وربقة» Eliezer and Rebecca في عام 1648 الانتباه الأكاديمي، لأنه في القصة التوراتية (سفر التكوين 24) أرسل إبراهيم الخادم أليعازر للعثور على الزوجة المناسبة لابنه إسحاق، وعندما اقترب أليعازر من مدينة ناحور قرر أن أول امرأة تعرض عليه السقيا هو وجماله العشرة ستكون المرأة المناسبة لإسحاق، «ولما فرغت من سقيه قالت: أستقى لجمالك أيضا حتى تفرغ من الشرب». وكانت تلك المرأة هي ربقة.
إلا أنه في رسم بوسان للمشهد (الآن في متحف اللوفر)، تبدو ربقة وهي تقدم لأليعازر الماء من البئر- لكن الجمال لا تظهر في المشهد، وهذا هو سبب الإنتباه الأكاديمي لغياب الجمال في تلك اللوحة.
وخلال القرن التاسع عشر، انفتح الشرق الأوسط الاستعماريين والسائحين والفنانين الغربيين، وكان إليجا والتون (1832-1880) رساما لمناظر جبال الألب في العصر القيكتوري قد حول نفسه إلى خبير في الجمال، وبعد وقت طويل في مخيم للبدو بالقرب من القاهرة، أنتج كتابه The Camel: Its Anatomy، Proportions and Paces (الجمل: تشريحه ونسبه وسرعات سيره) الصادر في لندن عام 1865 ويحتوي على أربع وتسعين لوحة مرسومة بدقة، كان بعضها بالألوان .
وبصورة أعم، ظهرت الجمال بالطبع في لوحات المستشرقين في القرن التاسع عشر؛ فعلى سبيل المثال، عندما رسم هوارس فيرنت Horace Vernet، المتخصص في الموضوعات التوراتية، «يهوذا وتمار» فى عام 1840، أظهر يهوذا متكئا بشكل شهواني على تمار التي تغطي وجهها لكنها تكشف عن ساقها، وخلفهما جمل عربي عليه رحل أنيق يطل على الاثنين. والجمل هو الموضوع الرئيسي في لوحة توماس سيدون Thomas Seddon «جمل عربي وعرب في قرافة القاهرة وفي الخلفية مقبرة السلطان برقوق» التي رسمها عام 1856.
ويظهر عدد كبير من الجمال في لوحة ليون بيلي Leon Belly العظيمة «الحج إلى مكة» التي رسمها في عام 1861، وقد صور بيلي الجمال وراكبيها وهم يسيرون في مشهد صحراوي بهتت ألوانه بسبب كثافة الشمس؛ وفي كتاب The Orientalists: Western Artists in Arabia، Persia and India (المستشرقون: الفنانون الغربيون في بلاد العرب وفارس والهند) قال كريستيان ديفيز Kristian Davies عن اللوحة: «يشعر المرء بهذا الإحساس في الحج، وبأن الحيوانات لا تسير بل تحوم فوق المشهد كالسراب، وأن القافلة في واقع الأمر سفينة كبيرة تطفو بطريقة ما فوق الرمال كأنها طوف في المحيط».
وعلى الرغم من أنه.يمكن العثور بسهولة على الكثير من نماذج الجمل الأخرى في لوحات المستشرقين، إلا أنها لا تظهر بالكثرة التي قد تتوقعها، وهذا لأن جمهور مشتريي اللوحات الفيكتوري كان في الغالب مجنونا بالخيل، وقد قال بائع لوحات الرسام المستشرق أوجين فرومنتان Eugene Fromentin – بونييه Beugniet – له إن الجمهور المشتري يفضل لوحات الخيل على لوحات الجمال؛ وإذا ما نظرنا إلى لوحات فرومنتان أو اللوحات المراكشية لأوجين ديلاكروا Eugene Delacroix، نجد أن الخيل تشغل أبرز مكان في تلك اللوحات.
مقالة ذات صلة: نباتات رعي الإبل – النباتات الرعوية للنوق والجمال
في الختام، يتضح أن الإبل رموز ثقافية غنية أبدع الفنانون في تصويرها عبر العصور، وأنها مصدر إلهام للعديد من الأعمال الفنية، ونتمني نحن في شركة نوق NOUG ان نكون القينا الضوء علي بصمة الإبل في عالم الفن، وبالطبع ما ذكرناه في تلك المقالة ما هو إلا غيض من فيض، وكل ما نريده منكم في المقابل هو رأيكم الصادق منتجات نوق وخصوصاً حليب نوق، وان تقوموا بإستغلال الفرصة التي نضعها بين أيديكم لإمتلاك نطاق نوق، فمثل تلك الفرص في الحياة لا يتكرر كثيراً.
المصادر
شارك المقال